إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
26789 مشاهدة
من اعتقد أن أحدا من الناس يسعه الخروج من شريعة الله تعالى ومن دين الإسلام كما وسع الخضر الخروج من دين موسى

كذلك أيضا (من اعتقد أن أحدا من الناس يسعه الخروج من شريعة الله تعالى ومن دين الإسلام كما وسع الخضر الخروج من دين موسى فإنه يعتبر كافرا) وذلك لأن موسى أُرسل إلى قومه، وكذلك الأنبياء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة فمن اعتقد أنه يسعه الخروج عن هذه الشريعة فقد كفر.
يقع هذا في المتصوفة ونحوهم وفي الباطنية، الباطنية والصوفية وما أشبههم يسمون أنفسهم أهل الأحوال، يدعون أن لهم أسرار، وأن لهم أحوال، وأن أحوالهم ترفع مقامهم، وتعليهم عن أن يخضعوا لهذه الشريعة، وتجعلهم أرفع من الأنبياء ومن الرسل.
من عقائد الصوفية -يعني غلاتهم- أن الولي أفضل من النبي وأفضل من الرسول، ويدعون أن الولي يأخذ من اللوح المحفوظ، يطلع على اللوح المحفوظ ويأخذ منه ما يريد، وأنه بذلك يسعه أن يتعبد بعبادة غير عبادة الله، وربما قالوا: تسقط عنه التكاليف إذا بلغ حالة يرتقي فيها إلى الملأ الأعلى، وأن العبادات -في زعمهم- إنما تلزم العوام، وأما هؤلاء الخواص فإنهم أرفع من أن تلزمهم هذه العبادات والأفعال.
لا شك أن هذا كفر ينتحله هؤلاء المتصوفة، يسقطون الصلوات عن كثير منهم، ويبيحون لهم الزنا، ويبيحون لهم الغناء واللهو ونحوهم، ويبيحون لهم أخذ المال بغير حق وما أشبه ذلك، فهذا ناقض كبير من نواقض الإسلام.